وعندما كانت فاطمة في الثانية عشرة من عمرها , شهدت الحصار الذي فرضته قريش على المسلمين ونفتهم في شِعب أبى طالب , ثلاث سنوات .
قاست فيها فاطمة الجوع والحرمان , وهي لم تزل بعد في بداية العمر .
وما كادت تخرج من الحصار حتى فُجعت بموت أمها خديجة وعاشت في حزنين , حزن على فقد أمها , وحزن على أبيها الذي ودّع أعز حبيب , وأخلص نصير , في وقت تعاظمت فيه حرب قريش للإسلام ورسوله , ولم يبق معها في البيت غير أختها أم كلثوم .
ولهذا لا تعجبوا إذا قلت لكم , إنها كانت ضعيفة البنية , نحيلة الجسم وصحتها على غير ما يرام , فالأحداث التي عاشتها منذ طفولتها , والمآسي التي قاستها , تركت آثارها على صحتها .
ومرت بها الأيام في مكة , وهاجر والدها إلى المدينة في صحبة أبى بكر الصديق , ومن بعده رحلت إليه مع أختها أم كلثوم .
ما كادت فاطمة تستقر بالمدينة المنورة , حتى تقدم علي بن أبى طالب لخطبتها ... علي بن أبي طالب الذي تعرفه فاطمة جيدا .. إنه كان معهم في مكة , ضمّه والدها إليه , ليخفف عن عمه أبى طالب نفقات أولاده الكثيرين , وكان يكبرها بحوالي أربع سنوات , وهو ثالث ثلاثة سبقوا إلى الإسلام وأول فدائي , نام في فراش الرسول ليلة الهجرة , ليوهم الكفار بوجوده معرضا حياته للخطر .
جاء علي إلى الرسول , وجلس بجواره وحاول أن يتحدث فيما جاء من أجله , لكنه لم يقو على الكلام , فقال له : ما حاجة ابن ابى طالب ؟ قال : ذكرت فاطمة . فأجاب الرسول : مرحبا وأهلا .. ثم انصرف علي .
يتبع ...